البوينغ 787 أول جيل من طائرات الركاب ذات البدن اللامعدني

البوينغ 787 أول جيل من طائرات الركاب ذات البدن اللامعدني
شهد العالم أخيراً مراسم تسليم ومن ثم تشغيل أول طائرة ركاب تصنع بالكامل من المواد المركبة اللامعدنية ألا وهي البوينغ 787. وقد سلمت الطائرة إلى أول زبائنها، وهي شركة طيران «أوول نيبون إيرويز أو ANA» اليابانية، بتأخير استغرق عامين كاملين عن موعد التسليم الذي كان مقراراً، ولكن مع دخول هذه الطائرة بالذات إلى الخدمة يرى المختصون في مجال صناعة الطيران أن عهداً جديداً بدأ بالفعل في مجال النقل الجوي وصناعة الطيران، شبيهاً بذلك الذي تم قبل نصف قرن أو أكثر عندما دخلت أولى طائرات الركاب المصنوعة من الألومنيوم وقتها، وما أحدثته من ثورة ونقلة نوعية في مجال النقل الجوي، ولكن شكوكاً ما زالت تثير فزع أولئك المختصين من عدم الدراية الكاملة في التعامل وفي سلوك المواد المركبة أثناء التشغيل، لذا ينبغي الخوض في هذا المنوال بالتفصيل، حتى يتسنى لنا معرفة أدق للتفاصيل.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تعرف المواد المركبة أو اللدائن - المركبات - بدائل المعادن، COMPOSITES بأنها مواد مكونة من مادتين أو أكثر بما فيها مادة «الترابط» التي تمسك المواد معاً، وتكون مدعمة بمواد أخرى بشكل ألياف كربونية مطمورة فيها. يتزايد استخدامها يوماً بعد يوم في أرجاء الصناعة، كونها أمتن من الألمنيوم وأخف وزناً منه. ويكمن سر الأداء المتفوق لطائرة 787 دريملاينر في مجموعة من التقنيات المتطورة الجديدة التي تم تطويرها خصيصاً لها وتزويدها بها. وتشكل المواد المركَّبة ما يصل إلى 50 في المائة من الهيكل الأساسي للطائرة، بما في ذلك بدنها وأجنحتها. وهذا ما حدا بإيرباص إلى دخول هذا المعترك الذي لطالما حاولت تجنبه، نظراً لوعورته وعدم وضوح الرؤية فيه.

على أرض الواقع
المواد المركبة ليست جديدة التطبيق في عالم الطيران، فقد استخدمت منذ الستينات كأجزاء صغيرة أو محدودة، فقد طبقت على الأجنحة، خصوصاً الأطراف الأمامية المتحركة SLATS، ومن ثم انتقلت لتغزو الأطراف المتحركة الخلفية للجناح Flaps وفي الزعنفة الرأسية (الدفة Rudder) والجنيحات الخلفية Tailplanes، وفي عام 1983 أصبحت طائرات إيرباص A300 وA310 ذات ذيل ودفة رأسية، كلاهما مصنوع من المواد المركبة كلياً، وأخيراً استخدم عازل الكابينة الخلفية في الذيل لطائرات إيرباص A340-500/600 الحديثة من المواد المركبة، وتحديداً ألياف الكربون CARBON FIBRES، واستخدمت بوينغ المواد المركبة أيضاً في بعض أجزاء طائراتها، وكانت أكثرها في بوينغ B777 بنسبة %20. ومع عملاقة إيرباص الجديدة A380 استخدم خليط جديد هو عبارة عن مزيج من الألمنيوم مع ألياف الزجاج ذي صلابة عالية مقرونة بخفة وزن كبيرة يطلق عليه «غليير GLARE»، تم استخدامه في الجزء العلوي من مقدمة الطائرة المذكورة، وصنع صندوق الجناح Wing Box الأساس في وسط الطائرة كلياً من المواد المركبة، وهو يحوي عادة خزان الوقود الرئيسي، مما اعتبر إنجازاً صناعياً في مجال الطيران.

مرونة عالية
يتم تشكيل الطائرة حسب نوع المهمة التي ستبنى من أجلها، وبالتالي تتوافر خاصية سهولة التشكيل بالمواد المركبة أكثر منها في المعادن، خصوصاً الألمنيوم، وبمعنى آخر يمكن لهذه الخاصية أن تسمح بالتحكم في درجة صلابة صفيحة المواد المركبة، بحيث تكون مرنة في اتجاه، وصلبة للغاية في الاتجاه المعاكس، بخلاف المواد المعدنية، التي يصعب تشكيلها عند زوايا معينة، ناهيك عن تآكلها بسرعة، وتعرضها للإنهاك الحراري بصورة أعلى من المواد المركبة. ويؤدي استخدام المواد المركبة في بناء الطائرات إلى خفض استخدام المواد الكيميائية الخطرة، وكم النفايات الخطرة المترتبة على ذلك، إضافة إلى خفض كمية المواد المهدورة، كما هي الحال عند صنع بدن الطائرة من الألمنيوم، كما تحوي بعض تلك المواد المركبة مادة الغرافيت التي لها خاصية العزل الإشعاعي، مما قد يقلل من خطورة تعرض الجسم البشري للإشعاعات الكونية في الارتفاعات الشاهقة، وهذه قد تعد خاصية فريدة من نوعها لرواج استخدام المواد المركبة في صناعة أبدان الطائرات.

اقتصاديتها سر جاذبيتها
برزت حاجة ملحة في مجال النقل الجوي المدني، وهي ايجاد طائرات ركاب اقتصادية جدا لا تستهلك وقودا كثيرا، كما كان في السابق، وكانت الإجابة على ذلك هو في صنع طائرة ركاب بالكامل من المواد المركبة، بحيث يسهم ذلك في جعل الطائرة اقل استهلاكا للوقود بنسبة %20، لذا ان استخدام بدائل المعادن من المواد المركبة COMPOSITES يحدث خفضا كبيرا في استهلاك الطائرة للوقود، يقدر %32 كما دلت عليها الدراسات، خصوصا عندما يكون بدنها كله مصنوع من تلك المواد، وهذا يعني التوفير في المال، وافضل من ناحية اخرى بيئيا ايضا، وبفضل تلك المواد المركبة امكن من جعل ضغط كابينة الركاب اكثر راحة بكثير من تلك التي تصنع كبائنها من الالمنيوم، كما يمكن رفع درجة رطوبة الكابينة، لان هذه المواد المركبة لا تكون عرضة للتآكل والصدأ بالشكل الذي تتعرض له الطائرات ‹المعدنية›، ونظرا لقوة ومتانة تلك المواد، أمكن تركيب نوافذ اوسع في الطائرة، تعجب الركاب، وبالتالي ستنتفع شركات الطيران المستخدمة لهذه الطائرات اللامعدنية من عدة نواح.

شكوك مريبة
هناك تخوف من استخدام المواد المركبة بكثافة في صنع ابدان الطائرات، والاسباب ترجع اولا إلى نقص الدراية بهذا المنوال، والثاني ان المواد المركبة لا تظهر عليها الاضرار بصورة واضحة كما في المعادن، وقد تخفي البعض منها تحت سطحها الخارجي الى ان تنهار، كما ان البدن اكثر عرضة للاضرار عبر الاصطدام بعربات الامتعة والتموين والخدمات الارضية، ومن الصعب جدا التمكن من معرفة انتشار الضرر، وفي اي اتجاه، اما في المعادن فكان ذلك سهلا كونها تظهر عليها التشوهات بسهولة، مما يمكن معه تحديد مدى الضرر، أما سطح ألياف الكربون فإنه لا يتشوه الا بعد ان يتكسر تماما، ولا يحدث ذلك الا نادرا كونه اكثر مرونة، ويأتي اكبر تهديد للمواد المركبة انه مع مرور الزمن والاجهاد قد تنفصل الطبقات عن بعضها البعض لتصبح اقل قوة، كما أن هناك شكوك حول مدى مقاومتها للصواعق، وهذا ما حدا بشركة ANA أخيرا في الرحلة التجارية الأولى لطائرتها البوينغ 787 من طوكيو إلى هونغ كونغ بإبقائها على الأرض فور هبوطها والكشف الشامل على بدنها، حيث سجل تعرضها لصاعقة كي يتم التأكد أن بوينغ بالفعل قد أوفت بوعدها في قدرة طائرتها على مقاوة الصواعق، وبالفعل لم تسجل أي ملحوظة في تضرر البدن جراء ذلك. وعادت الطائرة إلى طوكيو بسلام مرة أخرى مكملة رحلتها الدورية.

مميزات استخدام المواد المركبة في صنع بدن الطائرة
- أخف وزنا من المعدن.
- لا تتطلب قطعا كثيرة (1500 صفيحة و50 ألف مثبت للألمنيوم).
- أقل بنسبة %80 بحجم المثبتات (المسامير).
- مقاومة عالية للتآكل والكلل.
- تكاليف صيانة أقل بنسبة %30.

العقد المقبل قد يشهد تحولاً في استخدام اللدائن في الطيران
الاقتصادية العالية تكسبها رونقاً على المعادن
منقول

» أغرب سبعة حفر في العالم يقشعر لها البدن
» الحافلة ثلاثية الأبعاد في الصين: الركاب من أعلى والسيارات من أسفل
» الحافلة ثلاثية الأبعاد في الصين: الركاب من أعلى والسيارات من أسفل!